ملاحظات حول مفهوم «السجیة» التاریخي دراسة لجذور النظریة الأخلاقیة الإسلامیة اعتماداً علی المتون القدیمة

Abstract

التركیز علی تفهّم المتون الحدیثیّة اعتماداً علی الاتّجاهات الهرمنوطیقیّة، مهمّة بحثیة بقیت مغفولة حتی الآن. ففقه اللّغة وقرائة المتون الإسلامیة والحدیثیّة في آفاقها التاریخیّة هي من أشهر الأدوات التي توظّف في الاتّجاهات الهرمنوطیقیة واللاتقلیدیّة. إنّ المرور بالمتون الإسلامیّة الحدیثیّة تبیّن أنّه یمكن التركیز علی سرد من المصطلحات الأخلاقیّة، بما فیها مفهوم السجیّة. فلو نظر معاین بعین غیر متعمّقة ودون التأمّلات التاریخیّة، یمكن أن یتفهّم هذا المصطلح في سیاقنا العصري. هذا وإن یخطر بالبال في بدو النظر، ولكن النظرة التاریخیّة وخاصّة التركیز علی النصوص ذات الصلة، تشیر بأنّ هناك معنی خاصّ لهذا المصطلح، والذي ینبع من نفس المتون الإسلامیة والحدیثیّة القدیمة. فالأحری البحث عن القرائن التي تبیّن لنا الخطاب التاریخي بشأن مسألة الأخلاق وفلسفتها في القرون الأولی الإسلامیة. فمعرفة هذا الخطاب الذي توظّف السجیة ونظائرها في إطاره، یعیننا لكي نصل إلی جوابنا حول ماهیة السجیة ومیزتها من سائر الشؤون والمصطلحات الأخلاقیة في أجواء القرون المتقدّمة الإسلامیة. فهذه الورقة ستناول دراسة مفهوم السجیة، اعتماداً علی المناهج التاریخیة واللغویة المعاصرة في المتون القدیمة الإسلامیة، حتی تبرهن أنّه كیف تطوّر توظیف هذا المصطلح وفهمه. فبالنتيجة إنّ هذا المصطلح في ثقافة العرب القدیمة كان شیئاً منحدراً من طبیعة الإنسان وسلیقته وغریزته فحسب، ولم یكن لاختیار وانتخاب الإنسان مدخلیة فیه. ولكن مع بزوغ التیارات والخطابات العقلانیة من القرن الثاني فصاعداً، نشاهد أنّ هناك اتجاه حدیث لقراءة السجیة في إطار أكثر تلائماً مع ما یریده أنصار خطاب العقلنة. فهذه القراءة الحدیثة حاولت أن تنقل وتغیّر معنی السجیة من الأمر الطبیعي الذاتي إلی الأمر الاختیاري المكتسب الذي لإرادة الإنسان ومساعیه الاختیاریة دور هامّ فیه.